المادة    
السؤال: ما هو الفرق بين المداهنة، وحسن معاملة المدعوين؟
الجواب: فرق بين أخذ الحق وعرضه بقوة دون مداهنة في الدين: ((الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ))[الأحزاب:39] بين من يقتدي بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أمره ربه وقال: ((فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ))[الحجر:94]، وبين حسن المعاملة مع المدعوين، والتدرج بهم، والرفق بهم، والرفق معهم، فلا نخلط بين الموضوعين.
لكن الفظاظة، والغلظة، الله تعالى يقول فيها: ((وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) [الأنفال:63] ويقول: ((وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)) [آل عمران: 159] هي في المؤمنين الذين أمرنا الله تعالى أن نكون أذلة عليهم، ولا نكون ذوي فظاظة وغلظة على المؤمنين وعلى المقبلين إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
لكن عندما خاطبنا الله في حق الكفار قال: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)) [التوبة:73].
هناك قال: ((وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)) [آل عمران:159] وهنا قال: ((وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ )) [التوبة:73]تلك الغلظة منهي عنها، وهنا غلظة مأمور بها! لماذا؟
لأن هذه في موضع، وهذه في موضع، فلا بد أن نضع كل شيء في موضعه الصحيح؛ فإذا كانت لديك زوجه لا تصلي، فلا نقول: تقضي عمرك معها بالرفق واللين والوعود المعسولة؛ بل يجب أن تضربها، وكذلك ابنك يجب أن تضربه لأن حق الله أعظم! لو كنت معلماً، ولديك طالبٌ متجرئ في حد من حدود الله فاضربه وهذه هي الحكمة في هذا الموضع، لكن إذا دعوت أحداً من الناس، وتريد أن تؤلفه وهو مقبل يريد الحق فلا تعامله بالغلظة؛ فهذا مما ينفره يباعده.